غزة - خاص صفا
قال المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة إن ما نشهده من تصاعد في مجازر الاحتلال الإسرائيلي ضد المدنيين أثناء انتظارهم للمساعدات الغذائية يُؤكد أن قوات الاحتلال الإسرائيلي لم تعد تخوض حربًا تقليدية، بل تمارس سياسة التجويع المُمنهج بالقتل المباشر.
وأوضح مدير عام المكتب الإعلامي إسماعيل الثوابتة في حديث خاص لوكالة "صفا"، يوم الجمعة، أن ما تسمى نقاط توزيع المساعدات تحوّلت إلى "مصائد موت"، و"أفخاخ للقتل" يجري فيها قنص المدنيين عمدًا، في محاولة لبث الرعب، ومنع التجمع، وتحطيم ما تبقى من صمود المجتمع الغزّي.
وأضاف أن استهداف المجوّعين ليس حادثًا عرضيًا، بل أداة حرب بحد ذاتها.
وأكد أن جيش الاحتلال يتعمّد قنص المدنيين عند وصولهم إلى "مصائد الموت" لفرض واقع قسري من الجوع الجماعي، وكسر الإرادة الجماعية للسكان المدنيين.
واعتبر الثوابتة أن هذا سلوك ممنهج يرقى إلى جريمة إبادة جماعية باستخدام الغذاء كسلاح.
وشدد على أن الاحتلال لا يكتفي بالقصف والتجويع، بل يعمل على "هندسة الفوضى عبر تسليح عصابات محلية للسطو على المساعدات لسرقتها، وإشعال النزاعات، وخلق بيئة من انعدام الأمن داخل المجتمع، وضمان عدم وصول المساعدات إلى مستحقيها، في إطار ترسيخ مبدأ الإبادة الجماعية.
وأوضح أن الهدف من ذلك هو تفكيك البنية المجتمعية الداخلية، وتشويه صورة السكان، وتقويض أي قدرة ذاتية على تنظيم الصفوف أو إدارة شؤون البلد.
ولفت إلى أن هناك منظمات حقوقية حذرت مؤسسة ما تسمى زورًا غزة الإنسانية" (GHF) من تواطؤ محتمل في جرائم الحرب، واصفًا ذلك بأنه أمر بالغ الخطورة ويستوجب التحقيق الدولي.
وأكد أن أي جهة تسهّل تمرير المساعدات عبر "مناطق عازلة خطيرة حمراء" خاضعة لإشراف الاحتلال، أو تسكت عن قنص المدنيين عند نقاط التوزيع، تتحمّل مسؤولية قانونية وأخلاقية مباشرة، وقد تُدرج ضمن الجهات المتواطئة في الإبادة الجماعية الجارية.
وحول طبيعة الإصابات، بين الثوابتة أن الإصابات التي تصل المستشفيات تُؤكد أن الاحتلال يستخدم ذخائر متفجّرة وطلقات قنص عالية الدقة، حيث تُظهر الجراح تهتكًا شديدًا في الأعضاء الحيوية، وتشير إلى نية القتل المباشر لا التحييد.
وذكر أن عدد شهداء المساعدات تجاوز الـ 549 شهيدًا وأكثر من 4,066 إصابة، بعضهم في حالات حرجة أو أُصيب بإعاقات دائمة، وتبقى 39 حالة مفقودة لم يُعثر عليها حتى الآن، ومازال مصيرهم مجهولًا، ويتحمل الاحتلال المسؤولية الكاملة نتيجة هذه الجرائم.
ووصف الثوابتة الوضع الصحي في قطاع غزة بأنه كارثي بكل المقاييس، لافتًا إلى أن 95% من المستشفيات خرجت عن الخدمة خلال الإبادة الجماعية، ومن عاد منها للعمل عاد للعمل بشكل جزئي، فضلًا عن نفاد الوقود والمستلزمات الأساسية.
وقال إن الكوادر الطبية تعاني من إنهاك تام، والجرحى يتكدسون بلا علاج، كما أن العمليات الجراحية تجرى دون تخدير أو أدوات معقمة. نحن أمام انهيار تام للمنظومة الصحية بفعل الحصار والتدمير المتعمّد.
وعن الأزمة الإنسانية، أكد أن قطاع غزة يعيش أزمة عطش خانقة، بعد تدمير مصادر المياه، وانقطاع الكهرباء الذي يمنع تشغيل الآبار ومحطات التحلية.
وحذر الثوابتة من أن أكثر من 2.4 مليون إنسان مهددون بتفشي أمراض الكلى والجفاف والتسمم.
وأشار إلى أن الماء يتحول هو الآخر إلى أداة قتل بطيء، من خلال "هندسة التعطيش" التي ينفذها الاحتلال، عبر القضاء على مصادر الماء، وتدمير الآبار والبنى التحتية للقطاع المائي بشكل كامل، إبادة بمعنى الكلمة.
ومنذ 27 مايو/أيار الماضي، اقتصر توزيع المساعدات على ما تُعرف بـ"مؤسسة غزة الإنسانية" المدعومة أمريكيًا وإسرائيليًا عبر عدد من النقاط المحدودة جنوب ووسط القطاع.
وتواصل سلطات الاحتلال منذ الثاني من آذار/ مارس الماضي، سياسة تجويع ممنهج لنحو 2.4 مليون فلسطيني بغزة، عبر إغلاق المعابر بوجه المساعدات المتكدسة على الحدود، ما أدخل القطاع مرحلة المجاعة وأودى بحياة كثيرين.
ويعاني النظام الصحي بغزة من انهيار كامل، جراء الاستهداف الإسرائيلي المتعمد للمستشفيات والمراكز الصحية المتبقية والعاملة في القطاع ومنع دخول الأدوية والمستلزمات والأجهزة الطبية.
وبدعم أمريكي، ترتكب "إسرائيل" منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، إبادة جماعية بغزة، خلفت الإبادة نحو 189 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم أطفال.
ر ش