web site counter

مروان السلطان.. فارس "الإندونيسي" يترجّل شهيدًا بعد مسيرة حافلة بالعطاء

غزة- مدلين خلة - صفا
لم يترك الطبيب مروان السلطان مدير مستشفى الإندونيسي شمالي قطاع غزة موقعه طيلة حرب الإبادة الجماعية المستمرة على القطاع، بل بقيّ مرابطًا فيه يُداوي المرضى والجرحى ويُواصل أداء رسالته الإنسانية والطبية حتى استشهد، إثر قصف إسرائيلي استهدف منزله.
استمر الطبيب السلطان يقود دفة سفينته، كي ينجو بها إلى بر الأمان، لم يستسلم لعمليات الهدم المتكررة التي طالت أقسام ومرافق المستشفى، فأخذ على نفسه عهدًا بترميم خرابها وإعادتها للشمال.
لم يتخلى عن مرضاه للحظة، رغم خطورة الأوضاع، بل لزم أسوار المستشفى دون أن يخلع معطفه الأبيض، في سبيل إنعاش المشفى ومصابيه، لكن هذا الدور العظيم أزعح الاحتلال فقرر اغتياله مع عدد من أفراد أسرته.
والسلطان استشاري أمراض القلب، كان من أكبر الكوادر العلمية في القطاع، يمثل رمزًا في مستشفى الإندونيسي، وهو صاحب أعلى شهادة علمية في غزة، حيث حصل على البورد الأردني في الباطنة.
ففي يوم الأربعاء الماضي، استشهد الطبيب السلطان مع زوجته وعدد من أفراد أسرته، في قصف استهدف منزله غربي مدينة غزة، بعدما نزح إليه من جباليا البلد.
مسيرة عطاء
"أكثر المواقف التي أثّرت على أبي خلال فترة حصاره داخل المشفى الأندونيسي عندما كان يئن أي مريض أو مصاب ويقف عاجزًا لا يستطيع تقديم العلاج اللازم له، فيحاول جاهدًا بما توفر لديه كي يطبب جراحه ويخفف ألمه". 
لم تكن هذه مجرد كلمات تخرج من جوف أحمد نجل الشهيد مروان، بل هي ثمرة أعوام وعشرة طويلة قضاها الطبيب الشهيد بين أروقة المشافي وعلى جنبات الأسرة يُداوي مرضاه بما أُتيح له.
يقول أحمد لوكالة "صفا": "رفض والدي بشكل قطعي ترك شمالي القطاع والنزوح إلى جنوبه، أخبرنا بقراره طالبًا منا التحلي بالصبر وعدم التخلي عن جباليا، والبقاء فيها متنقلين بين مراكز الإيواء".
ويضيف "كان قرار البقاء في الشمال نابعًا من حرص والدي على حياة المرضى، ومعرفته بأن نزوحه جنوبًا يعني وفاة العديد من المصابين والمرضى ممن يحتاجون خبرته في أمراض الباطنة والقلب".
ويتابع "لم نكن نرى والدي إلا بضع ساعات يقضيها على الهاتف يتابع مرضاه وأحوال المشفى، إلا أنه لم يغفل لحظة واحدة عن احتياجات المنزل ومتابعة أمور أبنائه".
استطاع السلطان أن يجمع ويوفق بين الأب الماهر في تربية أبنائه والحفاظ على بيته في زمن الحرب، ومتابعة مرضاه والنجاة بأرواحهم وسط المقتلة التي يتعرض لها الغزيون منذ ما يقارب العامين.
و"خلال حصار والده في المستشفى كانوا يسترقون أخباره مما يذاع عبر وسائل الإعلام المختلفة". يقول أحمد
"لم نكن نعلم أي أخبار عن والدي، كانت الاتصالات صعبة، وكنا نتابع ما يصدر من بيانات عبر وزارة الصحة لنتأكد أنه ما يزال على قيد الحياة، طالما لم يعلنوا عن شهداء بين أروقة المشفى". 
ويكمل أحمد حديثه "لقد تعرض والدي لتهديدات كثيرة من جيش الاحتلال تطالبه باخلاء المشفى وترك الشمال، إلا أنه لم يمتثل لها، حتى أصبح لا يجيب على تلك الاتصالات".
وفي مايو/أيار الماضي، خرج المستشفى الإندونيسي عن الخدمة، بعدما استهدفته قوات الاحتلال، مما أدى إلى تدمير مولدات الكهرباء وتضرر عدد من أقسامه، وأجبرت المرضى والطواقم الطبية على إخلائه قسرًا.
نهاية القصة
"كابوسٌ مرعب يخشاه أي طبيب على رأس عمله، "كان دائمًا يطلب منا الاهتمام بأنفسنا وتجنب التجمعات، ويقول لنا خايف كتير بيوم تفوتوا عليّ بالمشفى شهداء، ما بعرف كيف راح أتصرف وقت ألاقيكم قدامي في ثلاجات الموتى"، وفق نجله.
ويردف "كان آخر حديثه لنا أثناء حصاره الأخير بالمشفى، أن نهتم بأمي وأخواتي، وأن نظل يدًا واحدة نحافظ على ذكره في الدنيا بحُسن الحديث".
ويتابع "كان قلقًا وخائفًا على أمي بعدما يرحل شهيدًا، لم يكن يعلم أنها لن تترك يده حتى استشهاده، كي يستشهدا معًا ويُعلنا نهاية قصة الوفاء بينهما".
ومنذ بدء الحرب على قطاع غزة في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، قتلت قوات الاحتلال أكثر من 1580 من الكوادر الصحية. بحسب المكتب الإعلامي الحكومي
ر ش

/ تعليق عبر الفيس بوك

OSZAR »